بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثبتت التعاليم القرآنية وتعاليم محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ أنها حامية
حمى حقوق المرأة"
ونذكر في ذلك عدة نماذج
الاستقلال الفكري للمرأة
من أهم المميزات التي منحها الإسلام للمرأة، أن الإسلام احترم الاستقلال
الفكري للمرأة، واحترم علمها وبيعتها وشهادتها ووجهة نظرها .. فيقول الله
تعالى في القرآن : ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ
الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ
بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ
إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ[
[1]
"والآية تشير -بجانب ما فيها من أحكام- إلى ما كانت تستمتع به المرأة من
استقلال فكري وكيان أدبي محترم" [2] في عهد محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~
و"لم تكن النساء [المسلمات] متأخرات عن الرجال في ميدان العلوم والمعارف
فقد نشأ منهن عالمات في الفلسفة والتاريخ والأدب والشعر وكل ألوان الحياة"
[3] ..
إحترام جوار المرأة
ولقد احترم الرسول ~ صلى الله عليه و سلم ~ جوار المرأة ، فكان النبي ~ صلى
الله عليه و سلم ~ أول من اعترف بجوار المرأة في الجزيرة العربية بعد عهود
الظلام .
ومثال أم هانىء واضح وجلي .. فقد أدخلت أحد المجرمين في جوارها – أي في
حمايتها - يوم فتح مكة وقَبِل رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ هذا
الجوار، ومن ثم عفا عن هذا المجرم !
فلقد ذهبت أم هانئ بنت أبى طالب إلى رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ عام
الفتح، فقالت: يا رسول الله زعم ابن أمي علىّ أنه قاتل رجل أجرته : فلان
ابن هبيرة، فقال رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ : "قد أجرنا من أجرت يا
أم هانئ" [1] !!
حقوق المرأة في الميراث والتملك
وعن حق المرأة في الميراث يقول الباحث الفرنسي آتيين دينيه :
" منح الرسول ~ صلى الله عليه و سلم ~ المرأة - كذلك - حق في الميراث.
وحقها به : نصف حق الذكر ، وذلك لأن المرأة لا تدفع مهراً كالرجل، وليست
مكلفة بحاجات البيت " [1] .
ويقول روم لاندو:"يوم كانت النسوة يعتبرن، في العالم الغربي، مجرد متاع من
الأمتعة، ويوم كان القوم هناك في ريب جدّي من أن لهن أرواحًا! كان الشرع
الإسلامي قد منحهن حق التملك. وتلقت الأرامل نصيبًا من ميراث أزواجهن" [2] .
تقدير الدور السياسي للمرأة
وتقديراً لدور المرأة في بناء المجتمع الإسلامي، فقد بايع رسول الله ~ صلى
الله عليه و سلم ~ النساء في موقعة مشهودة للقاصي والداني، فكانت بيعة
النساء ثانى يوم الفتح (رمضان 8هـ/ يناير 630 م) على جبل الصفا بعدما فرغ
من بيعة الرجال ..
وسطّرها القرآن الكريم بآيات خالدة أمد الدهر:
قال الله تعالى : ]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ
يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا
يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا
يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ
وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ
اللَّهَ إِنَّ اللَّهََ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [1] [
حقوق المرأة في أمور الزواج
ولقد كانت المرأة في الجاهلية لا حق لها في اختيار زوجها، أما في شريعة
الإسلام فقد جعل الإسلامُ حقاً للمرأة في حرية اختيار زوجها، فقد بوب
الإمام البخاري في صحيحه : وقال: باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا
برضاهما، ثم أورد حديث أبي هريرة t أن النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ قال:
"لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن"، قالوا يا رسول
الله وكيف إذنها؟ قال: "أن تسكت" [1] ..
وفي هذا يقول الباحث الفرنسي آتيين دينيه : " بفضل تشريعاته ~ صلى الله
عليه و سلم ~ الحكيمة أصبحت البنت البالغ تستشار قبل زواجها ، وأصبح المهر
لا يعطى للأب بل للعروس نفسها ، وقد وصف أعداء الإسلام تلك السنة الحكيمة
بأنها : " شراء للمرأة " . وهم لم يسمعوا - فيما أظن - ذلك الجواب المفعم
الذي يمكن أن يرد به المسلمون عليهم حين يقولون لهم : إن المهر في بعض
الأقطار العربية يدفعه والد البنت إلى رجلها ! ... وفوق ذلك ، فالمسلم مكلف
بسائر حاجات البيت دون أن يكون له أي حق في التصرف في مال امرأته." [2]
" وأتبع ~ صلى الله عليه و سلم ~ ذلك بأن منح المرأة حق المطالبة بالطلاق
إن لم يوف الرجل بواجباته الزوجية " [3] ، وهو حق آخر للمرأة، يساعدها في
دخول حياة زوجية جديدة أكثر توفيقاً ونجاحاً ..
إلى جانب الحقوق الزوجية الأخرى مثل حقها في الصداق ( المهر)، وحقها في
الخلع، وحقها في النفقة، فقد أوجب الإسلام على الزوج أن ينفق على زوجته مع
حسن معاملته لها، وفي هذا سأل أحد الناس النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~
فقال : يارسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال " أن تطعمها إذا طعمت
وتكسوها إذا اكتسيت ... ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت "
[4] ..
حق المرأة في العمل
وعن حق المرأة في العمل تقول روز ماري [1] :
" إن الإسلام قد كرم المرأة وأعطاها حقوقها كإنسانة ، وكامرأة ، وعلى عكس
ما يظن الناس من أن المرأة الغربية حصلت على حقوقها ... فالمرأة الغربية لا
تستطيع مثلا أن تمارس إنسانيتها الكاملة وحقوقها مثل المرأة المسلمة . فقد
أصبح واجبًا على المرأة في الغرب أن تعمل خارج بيتها لكسب العيش . أما
المرأة المسلمة فلها حق الاختيار، ومن حقها أن يقوم الرجل بكسب القوت لها
ولبقية أفراد الأسرة . فحين جعل الله سبحانه وتعالى للرجال القوامة على
النساء كان المقصود هنا أن على الرجل أن يعمل ليكسب قوته وقوت عائلته .
فالمرأة في الإسلام لها دور أهم وأكبر.. وهو الإنجاب وتربية الأبناء، ومع
ذلك فقد أعطى الإسلام للمرأة الحق في العمل إذا رغبت هي في ذلك، وإذا اقتضت
ظروفها ذلك " [2] .
هذا إضافة إلى حق المرأة في العمل العام : فتبين ماكلوسكي [3] " أن نشاطات
المرأة المسلمة قد تمتد أحيانا خارج المنزل، فبعض النساء المسلمات كن يقمن
بمسؤوليات عامة ..في الحرب والتجارة. ولكن ذلك كله كان في إطار الخلق
الكريم" [4] .
تأملات في هذه المميزات
تستطيع أن تتأمل في هذه المميزات التي منحها النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~
للمرأة..
فتعلم مدى الرفعة التي نالتها المرأة في حمى الإسلام وظله، وكيف أنها نالت
كل حقوقها الإنسانية والاجتماعية كما نالها الرجل سواء بسواء، مما لم يحدث
نظيره في أمة من الأمم.
غير أن المهم أن تعلم الفرق بين هذه المساواة الإنسانية الرائعة التي
أرستها شريعة الإسلام، والمظاهر الشكلية لها مما ينادى به عشاق العُري
اليوم، إنما هي نزوات حيوانية أصيلة يتوخى من ورائها اتخاذ المرأة مادة
تسلية ورفاهية للرجل على أوسع نطاق ممكن، دون أى نظر إلى شئ آخر [1] .
إن النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ لم يعتبر المرأة جرثومة خبيثة كما
اعتبرها الآخرون، ولكنه قرر حقيقة تزيل هذا الهوان عنها، وهي أن المرأة بين
يدي الإسلام قسيمة الرجل، لها ما له من الحقوق وعليها أيضاً من الواجبات
ما يلائم تكوينها وفطرتها، وعلى الرجل بما اختص به من صفة الرجولة، وقوة
الجلد، وبسطة واتساع الحيلة، أن يلي رعايتها، فهو بذلك وليها، يحوطها
بقوته، ويذود عنها بدمه، وينفق عليها من كسب يده، ذلك ما قرره الله تعالى
بقوله،: ]وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [2] [
إن " تحرير المرأة" الذي قام به النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ ، كان
تحريراً شاملاً وكاملاً بمعنى الكلمة .. فقد كان النبي ~ صلى الله عليه و
سلم ~ هو العامل الأساسي في إيقاف الجريمة الكبرى التي كانت تمارس في حق
المرأة، ألا وهي جريمة " قتل البنات خشية العار".. إن ثقافة وأد البنات
كانت هي الثقافة السائدة في تصور المجتمع نحو المرأة .. ولم يجرأ أحد
المصلحين قبل النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ التصدي لهذه العادة القبيحة ..
بل كانت تزداد فحشاً وانتشاراً في أنحاء الجزيرة ..
هذا، وقد كانت المرأة تباع وتُشترى.. فلما بعثَ الله محمداً ~ صلى الله
عليه و سلم ~ أعاد للمرأة حقوقها المسلوبة، فمنحها حق الحرية، وأن تبيع
وتَشتري لا أن تُباع وتُشترى، وأن ترث كما يرث الرجل، لا أن تَورث كما كان
الرجل يرثها مع مال أبيه .. إن العالم عن بكرة أبيه لم يعترف بالذمة
المالية للمرأة .. وجاء النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ وقرر هذا الحق
للمرأة .. فأصبحت تستطيع أن تعقد كبرى الصفقات التجارية، وتتعاقد مع من
تشاء وتوكل من تشاء
..